
في ليلة كروية مشحونة بالتوتر والإثارة، نجح نادي دهوك في تحقيق أول ألقابه في بطولة كأس العراق، بعد فوزه على زاخو في المباراة النهائية التي احتضنها ملعب الشعب الدولي مساء الجمعة، وسط حضور جماهيري كبير وترقب إعلامي واسع.
المواجهة التي جمعت قطبين من شمال العراق، اتسمت بالحذر الشديد والاندفاع التكتيكي من كلا الفريقين، لينتهي الوقت الأصلي بالتعادل السلبي (0-0) دون أن يتمكن أي طرف من فك شفرة الشباك، رغم وجود بعض المحاولات المتفرقة والتي لم ترتقِ إلى مستوى الخطورة الحقيقية.
ومع امتداد المباراة إلى الأشواط الإضافية، ظلت النتيجة على حالها، مع استمرار الأداء المتوازن من الجانبين، والتزام دفاعي واضح من زاخو، في حين حاول دهوك تنويع اللعب وصناعة الفارق في اللحظات الحرجة، لكن دون جدوى، لتكون ركلات الترجيح هي الفيصل في حسم لقب البطولة.
وخلال سلسلة الركلات، تفوق دهوك بثقة واضحة، حيث نجح لاعبوه في تسجيل خمس ركلات كاملة، مقابل ثلاث فقط لزاخو، في سيناريو لم يكن يخلو من الجدل. أبرز لحظات المباراة جاءت في الركلة الخامسة التي سددها كريم درويش لصالح دهوك، حيث تمكن علي كاظم حارس مرمى زاخو من التصدي لها وسط فرحة عارمة من جماهير فريقه، التي ظنت أن الأمل لا يزال قائمًا.
إلا أن الصدمة كانت قوية بعد تدخل تقنية الفيديو (VAR)، التي أكدت تقدم الحارس عن خط المرمى قبل تنفيذ الركلة، ليقرر الحكم إعادة التسديدة، وهي المرة التي لم يخطئ فيها درويش، واضعًا الكرة في الشباك وحاسمًا اللقب لصالح دهوك بنتيجة (5-3) في ركلات الحسم.
اللحظة شهدت توترًا كبيرًا داخل أرض الملعب، حيث احتج لاعبو زاخو بشدة على القرار، وسط مشادات ومشاكل داخل الميدان، وتدخل من الطواقم الإدارية والفنية لتهدئة الأوضاع، في مشهد عكس الضغط الكبير الذي كانت عليه المباراة، والرهانات النفسية التي رافقت الفريقين حتى اللحظة الأخيرة.
وبهذا الانتصار التاريخي، يُدوّن دهوك اسمه في سجل أبطال كأس العراق لأول مرة منذ تأسيسه، ويمنح جماهيره لحظة فرح طال انتظارها، بعدما قدم الفريق موسمًا استثنائيًا تميز بالثبات والانضباط التكتيكي، إلى جانب شخصية قوية ظهرت في الأدوار الحاسمة من البطولة.
ويأتي هذا الإنجاز ليمنح النادي دفعة قوية نحو المستقبل، ويضعه ضمن قائمة الأندية الطامحة في الساحة المحلية، لا سيما مع الاستقرار الفني والإداري الذي شهده في الأشهر الماضية، والذي أثمر في النهاية عن لقب غالٍ سيبقى محفورًا في ذاكرة جماهيره.
من جانب آخر، ورغم الخسارة، خرج نادي زاخو مرفوع الرأس، بعد أن خاض واحدة من أفضل مواسمه، وتمكن من الوصول إلى النهائي للمرة الأولى في تاريخه، ونافس بقوة حتى اللحظة الأخيرة. وقد أظهر لاعبوه التزامًا وتفانيًا واضحًا، ما يجعله رقمًا صعبًا في المواسم المقبلة، في حال تم الحفاظ على هذا النسق التصاعدي.
وفي النهاية، حملت نسخة 2025 من كأس العراق قصة جديدة لبطل جديد، ورسخت مكانة البطولة كأحد أبرز المسابقات التي لا تُخضع النتائج دائمًا للأسماء، بل للميدان، والعزيمة، واللحظة الحاسمة.