
في لحظة امتزجت فيها مشاعر الامتنان والحزن، أعلن المدافع المخضرم فيصل جاسم رحيله رسميًا عن صفوف نادي الشرطة، طاويًا بذلك صفحة مشرقة امتدت منذ عام 2016، شهدت خلالها جماهير القيثارة واحدة من أكثر المسيرات استقرارًا وتأثيرًا في تاريخ الفريق الحديث.
منذ أن ارتدى القميص الأخضر في صيف عام 2016، أصبح فيصل جاسم أحد أبرز أعمدة الفريق الدفاعية، وواحدًا من أكثر اللاعبين ثباتًا على المستوى والأداء، بل ورمزًا للانضباط والروح القتالية داخل وخارج الملعب. لم يكن مجرد لاعب في خط الدفاع، بل قائدًا صامتًا، يفرض حضوره بثقة وحكمة وخبرة.
خلال مشواره مع الشرطة، ساهم فيصل في حصد خمسة ألقاب للدوري العراقي، كانت بمثابة تأكيد على علو كعب الفريق محليًا واستقراره الفني، كما توّج بلقب كأس العراق، بالإضافة إلى لقبين في كأس السوبر، ليكون من أكثر اللاعبين تتويجًا في تاريخ القيثارة خلال العقد الأخير.
فيصل جاسم لم يكن يومًا من الأسماء المثيرة للجدل، بل عرف عنه التزامه، هدوءه، ومهنيته العالية. في وقت شهد فيه الفريق تغييرات متلاحقة على مستوى الأجهزة الفنية والإدارية، بقي فيصل ثابتًا في موقعه، محافظًا على قيمه وأدائه، ومؤمنًا بقميص الشرطة الذي دافع عنه بشرف في كل مواجهة.
وبهذا الرحيل، يغادر فيصل وهو في رصيده سنوات من المجد، تاركًا وراءه إرثًا سيُذكر طويلاً، وسيكون بلا شك مثالًا يُحتذى به من قبل الأجيال القادمة في صفوف النادي.
ردود الفعل بين جماهير الشرطة جاءت مليئة بالمحبة والاحترام، حيث عبّر الكثيرون عن حزنهم لرحيل لاعب منح الفريق كل شيء، وكان جزءًا من معظم الإنجازات الحديثة. ولم يخفِ الكثير من الأنصار خشيتهم من فقدان الشخصية القيادية الهادئة داخل غرفة الملابس، خاصة في ظل التحولات التي يمر بها الفريق حاليًا.
رحيل فيصل جاسم يفتح الباب أمام تساؤلات حول وجهته القادمة، وإن كان سيواصل مشواره الكروي مع نادٍ آخر داخل الدوري العراقي، أم أنه يفكر في تعليق الحذاء بعد مسيرة طويلة، قد تكون شارفت على النهاية. ورغم عدم الإفصاح الرسمي عن وجهته المقبلة، إلا أن اللاعب لم يُغلق الباب أمام الخيارات كافة.
فيصل جاسم يغادر نادي الشرطة تاركًا خلفه سيرة ناصعة، وذكريات لا تُنسى في قلوب الجماهير، وأرقامًا تبقى شاهدة على موهبته وعطائه. هو مثال للاعب الذي جمع بين الأداء والولاء، وكان على الدوام جزءًا من هوية القيثارة في سنواتها الذهبية.